تاريخ نشأة المحمية
تم إنشاء محمية الأزرق المائية في عام 1978 من قبل الجمعية الملكية لحماية الطبيعة وذلك لحماية الواحة و الثروة الحيوية المتواجدة حيث تمتد المحمية على مساحة 12000 دونم و تقع ضمن الفئة الرابعه من محميات المواطن و الانواع حسب تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة
تقع محمية الأزرق المائية ضمن محافظة الزرقاء/ قضاء الأزرق وسميت نسبة إلى واحة الازرق التي تقع داخل حدودها حيث تبعد عن العاصمة عمان مسافة 115 كم من الشرق.
تم إعلان محمية الازرق المائية كأول منطقة رطبة ذات أهمية عالمية على الطريق الأفريقي-الأوراسي في الأردن (منطقة رامسار) وذلك في عام 1977 وكسبت هذه الأهمية بسبب ندرة نظامها المائي ولوقوعها بين الصحراء الكلسية من الغرب والصحراء البازلتية من الشرق.
الثروة الحيوية في المحمية
تقع المحمية على ارتفاع 491 م عن سطح البحر وتتميز بأنها أراضٍ رطبة فريدة من نوعها حيث يستطيع فيها العديد من الكائنات الحية البقاء على قيد الحياة لفترة من الظروف غير المؤاتية كالتجمد ويتراوح معدل هطول الأمطار السنوي في حوض الأزرق ما يعادل 350 ملم شمالآ إلى أقل من 75 ملم جنوبآ و من 180 ملم غربآ إلى أقل من 50 ملم شرقآ حيث أن معدل الهطول المطري طويل الأمد 90 ملم سنويا في منطقة المحمية و يعتبر مناخها حارآ صيفا إلى بارد قليل الرطوبة شتاءا
ويزور المحمية العديد من أسراب الطيور على مدار العام إما للراحة في فترة الهجرة أو لقضاء فصل الشتاء و مواسم التزاوج ، ما يميز محمية الازرق المائية أنها الواحة الوحيدة التي تعمل بنظام التزود الطبيعي للمياه في إقليم الصحراء المشرقية و تصل الذروة الحيوية في المحمية أثناء فترات هجرة الطيور و في فصلي الصيف و الشتاء حيث تتصف محمية الازرق بالمناخ الرطب نسبيا مما يجعلها غنية بالتنوع الحيوي و تتوفر المواطن الطبيعية في المحمية لعدد من الكائنات المائية والبرية حيث يتواجد في المحمية ما يقارب 141 نوعا من النباتات المائية كالحلفا و القصيب الفارسي التي تنمو في المستنقعات و نباتات السمار و الغرقد و الأثل و نباتات القيعان الطينية و الملحية بنسبة 1.8 % بالإضافة إلى السبخات و تم اكتشاف ما يزيد عن 81 نوعاً من الطحالب و ما يزيد عن 163 نوعاً من اللافقاريات و ما يقارب 18 نوعاً من الثديات كإبن آوى و الثعالب الحمراء حيث أنها تعتبر ممرًا هامآ للثعالب و الضباع كما أنها تضم ما يزيد عن 11 نوعآ من الزواحف و نوعين من البرمائيات و ما يقارب 15 نوعا من الرعاشات و الفراشات كما سجلت المحمية 274 نوعا من مختلف أنواع الطيور .
سمك السرحاني
وتعد محمية الأزرق المائية الموطن الوحيد لسمك السرحاني (Azraq killifish) و اسمه العلمي (Aphanius sirhani) وهو نوع نادر من الأسماك سمي نسبة لوادي السرحان الممتد حتى المحمية، حيث أن هذا النوع لا يتواجد في أي مسطح بحري في العالم إلا في محمية الأزرق حيث تم اكتشافه وتصنيفه لأول مرة في عام 1983 من قبل علماء وباحثين نمساويين (فولفوك وشول وكروب) أصبح إرثاً طبيعياً حضارياً للمنطقة وقد كان هذا النوع مهدداً بالإنقراض إلى أن تم اكتشافه مرة أخرى من قبل فريق الدراسات في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة بحيث أنه لم يعد متواجدآ في الواحة بعد جفافها منذ مطلع التسعينيات إلا أن جهود الجمعية قد تظافرت لإنقاذه و إعادته إلى وضعه الطبيعي حتى أصبح اليوم مجتمعاً حيوياً في موطنه الأم .
الأهمية التاريخية للمحمية
و تنبع أهمية المحمية التاريخية من وجود كنوز و آثار تاريخية تعود إلى العصر الحجري و العصور الإسلامية بالإضافة إلى جدار بازلتي أسود بني في عصر أحد الخلفاء الأمويين على الأغلب و على مسافة كيلو مترين من محيط المحمية بمقربة من عين السيل تتواجد مزرعة بناها الأمويون ويعد هذا أكبر دليل على أهمية المنطقة في العصور القديمة فيه، ففي عمليات التنقيب الأخيرة داخل المحمية تم اكتشاف أقدم هيكل عظمي بشري في الاردن يعود للعصر الحجري الوسيط المبكر أي قبل 22500 سنة داخل حدود المحمية ضمن مشروع مشترك بين دائرة الآثار العامة و الدكتور البريطاني توبياس ريختر من جامعة أكسفورد
بالإضافة إلى اكتشاف أثري جديد وفريد من نوعه قامت به الدكتورة أبريل نويل من الجامعة الكندية ضمن البعثة الكندية للآثار لأقدم عينات مكونة من بقايا بروتينية تعود إلى حوالي 250000 سنة قبل الميلاد لكائنات برية و طيور منها وحيد القرن و الخيول و البقريات و الجمال و البط فقد أضاف هذا الاكتشاف فرضية لرسم ملامح تطور الإنسان و البيئة في المنطقة.
الأثر التنموي للمحمية
و تدعم إدارة المحمية المشاريع المرتبطة بدعم وحماية البيئة و تتعاون مع أبناء المجتمع المحلي من سكان المنطقة على تطوير و تنمية الأنشطة المتواجدة في محيط المحمية بما يعود بالفائدة عليهم و على ديمومة الحياة داخل مواطن المحمية حيث يبلغ عدد العاملين في المحمية 40 موظفآ تقريبا من أهل المنطقة مما يؤكد على أهمية هذه المحمية بتوفير مصدر الدخل الدائم و تحقيق التنمية الإقتصادية حيث أن الأعمال الحرفية و الفنية من إنتاج أبناء المنطقة العاملين في المحمية، وتقوم المحمية بالدعم الفني للجمعيات التنموية في المنطقة عن طريق كتابة جدول بالمشاريع المقترحة و بناء قدرات الجمعيات و منحهم الدعم اللوجيستي وتوفير خبرات العاملين فيها و مرافقها كقاعات اجتماعات و تأمين احتياجاتهم الإدارية و تعمل أيضا على استمرارية التواصل والمشاركة بفعاليات و أنشطة الجمعيات الرسمية والشعبية كما أنها تعتبر الجسر الواصل بين المؤسسات و الجهات المانحة كالمرفق البيئي العالمي و اليو أس إيد و هذه الجمعيات، و قد قامت محمية الازرق المائية بالشراكة مع الجمعيات المحلية بالعديد من المشاريع التنموية كإعادة التدوير و الزراعات العضوية و العديد من مشاريع التنمية المستدامة التي تعود بالفائدة على أفراد المنطقة عامة وعلى المحمية خاصة، ومن الأنشطة البيئية التي تقدمها المحمية لأبناء المنطقة أنها تعمل على إعداد البرامج التوعوية اللامنهجية و تطويرها كالزيارات المدرسية و أنشطة العلماء البيئين الصغار وبرنامج فارس الطبيعة كما قام طلاب أحد المدارس في قضاء الأزرق بتصميم نموذج فيزيائي لحوض الأزرق المائي إضافة إلى أول لعبة الكترونية تفاعلية بيئية مقدمة للطلبة متواجدة على الهواتف الذكية أنشئت بمحمية الأزرق المائية للتعريف بها وبمشكلة المياه فيها ومن الجدير بالذكر أيضا أن محمية الأزرق المائية و مرافقها تعتمد على الخلايا الشمسية في توليد الكهرباء بواقع 190 خلية كهربائية.
التحديات التي واجهت المحمية
قبيل مزاولة الضخ الجائر كانت المحمية في الثمانينات مرتعاً لما يقارب مليون من أنواع الطيور المتنوعة و ذلك لوقوعها على أحد أهم مسارات هجرة العديد من الطيور وقد ذكر أن مواسم الهجرة كانت تشكل ازدحاما في سماء المحمية حاجبة جزءآ من أشعه الشمس وبحلول العام 1993 وبسبب الضخ الهائل للمياه لم يعد هناك أية مياه سطحية في المحمية مما أدى إلى تدهور القيمة البيئية للمحمية، ولسوء الحظ عانت محمية الأزرق من كارثة بيئية بسبب هذا الضخ الجائر للمياه من حوض الأزرق الجوفي إلى المدن المجاورة وحفر الآبار مما أدى إلى تناقص مستمر في مستويات مياه الحوض في السنوات الخمسين الأخيرة حيث بدأت مستويات المياه بالهبوط وصولا إلى أدنى مستوى في عام 1993، وكان حصيلة هذه الممارسات وخيمة حيث أدت إلى تبديد مساحات الجفاف من الواحة وصولا إلى الأراضي الرطبة بما يقدر بـ 25 كم2 من المساحة الكلية واستمرت هذه الكارثة إلى أن جفت الينابيع التي كانت تعمل على تزويد الأراضي الرطبة بالمياه و وصل عمق المياه لأثني عشرمتراً تحت سطح الأرض.
الجهود المبذولة لحماية المحمية
تنبع أهمية محمية الأزرق المائية بأنها بوابة الأردن الشرقية و أولى وجهاتها السياحية الجاذبة للزوار القادمين من الجهة الشرقية للأردن.
في عام 1994 بدأت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة بمشاركة دولية من مرفق البيئة الدولي بعملية إنقاذ للواحة بهدف رفع نسبة المياه المستنزفة 10 % وتوقيع اتفاقية مع وزارة المياه والري لتزويد المحمية بـ 1.5ــ2.5 مليون م3 من مياه حوض الأزرق الجوفي سنويآ إعادة تأهيل المواطن الطبيعية في المحمية وأسفرت بنجاح في استعادة جزء مهم من الأراضي الرطبة لكن لم يتم الوصول للنسبة المرادة بسبب الضخ المستمر للمياه من حوض الأزرق وقلة الأفراد الخبراء و المتخصصين بمجال إدارة الأراضي الرطبة و بفضل جهود الجمعية الملكية لحماية الطبيعة بدأت العديد من الطيور بالعودة إلى المحمية.
في عام 2003 تم استحداث محطة لمراقبة الطيور في محمية الأزرق المائية لاستقطاب الباحثين ومراقبي الطيور والتخطيط معهم لإعداد الدراسات حول هجرة وسلوك الطيور من خلال عمليات التحليق وتسجيل أصوات الطيور.
قامت المحمية في عام 2006 بالعمل على إعادة تأهيل المواطن الطبيعية للسمك السرحاني و الذي يعد الحيوان الفقاري الوحيد المتوطن في الأردن و للمحافظة على هذا النوع من الانقراض عملت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة بالتعاون مع الاتحاد الدولي لصون الطبيعة على إعادة إكثار السمك السرحاني حيث تزايدت أعداد السمك السرحاني في موطنها الطبيعي وقد حقق المشروع نجاحا وحظي باهتمام عالمي وحصل على جائزة شركة فورد العالمية في مجال البيئة وعلى أثر نجاحه فقد أصدر الاتحاد الدولي لصون الطبيعة تقريرا عن مشروع إكثار السمك السرحاني في المحمية مشيرا إلى أنه من أكثر المشاريع التي تتعلق بالإكثار نجاحا في العالم و على أثر ذلك بدأ نُزل الأزرق و الذي يقع بمحيط المحمية باستقبال زوارها و كانت نقطة الإنطلاقة الأولى في برنامج السياحة البيئة في الصحراء الشرقية وقد أشاد جلالة الملك عبدالله الثاني بهذه الجهود المبذولة وأبدى دعمه لهذه المشاريع المقامة.
و كشفت إدارة الجمعية الملكية لحماية الطبيعة عن مشروع لتوسيع المحمية من 12000 دونم إلى ما يقارب 72000 دونم حيث تعتبر هذه العميلة التوسعية نقلة نوعية للمنطقة بهدف حماية القاع و الحفاظ عليه و تطوير الخدمات المجتمعية التي تقدمها المحمية
الخدمات التي تقدمها المحمية
تعتبر المحمية نقطة توقف للطيور المهاجرة باعتبارها مكاناً لمراقبة ومشاهدة الطيور بأنواعها المحلية والمهاجرة النادرة فيستطيع الزوار مراقبة الطيور عن بعد و تضم المحمية العديد من المرافق و الأنشطة التي تمكن الزوار الاستمتاع بأركانها دون الحاجة إلى الخروج منها لتأمين احتياجتهم ويمكن للزائرين الإقامة على مقربة من المحمية في نُزل الأزرق المتاح على مدار العام بالإضافة إلى سينما الطبيعة التي تمكن النزلاء من مشاهدة وثائقيات عن الطبيعة و التاريخ و يتميز بإطلالة ذات طابع صحراوي على المسطحات الطينية والرملية لحوض الأزرق حيث كان هذا النزل فيما سبق مستشفآ عسكريا للاستعمار البريطاني.
تضم المحمية مشاغل للحرف اليدوية التي يتم إنتاجها محليا كمشغل الأزرق للرسم على بيض النعام يدويا باستخدام خاصية النقش والتنقيط بالإضافة إلى مشغل للطباعة الحريرية بطريقة صديقة للبيئة ومشغل الخياطة التي يستطيع فيها الوافدين للمحمية تصميم ما يرغبون وتضم مرافق المحمية مشغلا للألعاب التعليمية التي يتم تصميم مجموعة من الألعاب فيها وقد لاقت لعبة “وايلد مونيبولي” رواجا واسعا لدى العائلات الزائرة، كما أضاف مشغل التغليف رونقا للمنتجات المتواجدة في المحمية باستخدامهم علب تغليف مصنعة يدويا كما بإمكان العاملين تنفيذ العديد من التصميمات المرادة لعلب التغليف ويعتبر مشغل إعادة التدوير أحد أهم هذه المشاغل لما لهذه القضية من أهمية حيث يقوم بإعادة تدوير الورق و غيرها من عمليات إعادة التدوير والتي من شأنها إظهار الاهتمام بالمحافظة على المحيط البيئي.
و من الجدير بالذكر أن هذه المشاغل أسهمت بتأمين الكثير من الوظائف تحديدا للإناث من سكان المنطقة المحيطة.
لأنشطة المقامة في المحمية
بإمكان القادمين للمحمية بالقيام بالعديد من الأنشطة من شأنها أن تكون محصلة لمغامرة ممتعة في البيئة الصحراوية النادرة إذ بإمكان الزوار المشي عبر الممر الخشبي للتعرف على المحمية ومراقبة الطيور المهاجرة وبعض من الجواميس المائية من داخل مبنى مصنوع من الطوب المحلي بالإضافة إلى ممر دراجات القاع الذي تمكن الزوار من التجوال حول المحمية بالدراجات الهوائية الذي يتواجد فيه عدد من المسطحات الطينية الشاسعة لمنطقة القاع والصحراء الشرقية وكذلك بإمكان الزائرين التجوال في الأزرق والتعرف على تاريخها ونمط معيشتها من خلال ممر دراجات قرية الأزرق ورؤية القصور والقلاع المحيطة بالمحمية ومن ثم الإستراحة وتناول وجبة خفيفة في أحد بيوت عشائر المنطقة والعودة إلى المحمية .
المصدر: موقع ارث الأردن