محميات الأبجديات والنقوش في الأردن و البادية الأردنية / أ.د. أحمد ملاعبة

أ.د. أحمد ملاعبة – عميد كلية الموارد الطبيعية والبيئة/ الجامعة الهاشمية

يزدخر الأردن بالنقوش التي خلفتها الحضارات منذ قديم التاريخ – ولعلّ الأكثر انتشاراً هي النقوش الصفوية والعربية الأولى والعربية الكوفية في الحرة البازلتية السمراء شمال شرق الأردن ويتبعها النقوش الثمودية في جنوب الأردن ثم اليونانية (الاغريقية) واللاتينية وقليل من النقوش النبطية واللحيانية العربية – وتتميز النقوش بالأبجديات والرسومات وأحياناً التعويذات والأبراج السماوية وغيرها – ومن الملفت للنظر أن هذه النقوش تتعرض للدمار والتخريب لانتشارها الواسع وكثرتها وعدم معرفة الناس بأهميتها على الرغم من آلاف الدراسات والرسائل الجامعية التي أجريت عليها والكتب التي ألفت عنها واهتمام المراكز العالمية بها حيث وضعت مواقع الكترونية لتوثيقها مثل الجامعات الألمانية والبريطانية. ولعلّ البادية الاردنية الشمالية الشرقية (الحرة البازلتية) تتطلب منا إنشاء محميات نقوش ميدانية – وخصوصاً لخمسة أماكن تتواجد فيها النقوش بكثافة غير مسبوقةمثل وادي الغصين والوادي الأبيض والوساد وجبل قرمة ووادي العوسجيات وربما محميات قمم أو رؤوس تلال قطار العبد على سبيل المثال لا الحصر. ومعظمها من النقوش الصفوية؛ وهي نقوش تمتد من جنوب سوريا ولغاية شمال غرب السعودية على امتداد الحرة البازلتيةز وأنا أحب أن أسميها النقوش الصفوية البازلتية – لأنها انحسرت بنسبة 99% على الصخور البازلتية- والصفويين سموا كذلك نسبة الى منطقة الصفا شمال سوريا (الصفا من الصفاة – الحجارة) وهي قبائل عربية عاشت مابين 100 ق. م – الى 300-400 ميلادي- بينما النقوش الثمودية جاء معظمها على الصخور الجيرية والرملية – أما النبطية (مملكة الانباط) واللحيانية (مملكة لحيان في مدين -الجزيرة العربية) فنقشت على الصخور الرملية- ولذلك إضافة إلى وفرة النقوش هناك ربط جيولوجي – اثاري بين نوع النقش ونوع الصخر- الأمر الذي يزيد من الحاجة إلى حماية هذة النقوش التي تصل الى أكثر من مئة الف نقش على الآف ويتطلب الأمر كذلك إنشاء متحف شامل في مكان مناسب في البادية لتجميع النقوش القابلة للنقل بالأيدي والأدوات البسيطة وجعل المتحف مقصد سياحي وتعليمي ومتعدد الأهداف.

إن تاريخ عشرة الآف عام من هذه النوادر العالمية – يجعلنا نؤكد عشرات المرات وبكل عزم على ضرورة إنشاء محميات نقوش عالمية والتي اعتمدتها اليونسكو  – Inscription Reserve zones or areas — إذ أنه مع كل زيارة ميدانية نرى حجم الدمار الذي تعرضت له هذه النقوش بسبب التجريف للعمران أو استخدام الصخور المنقوش عليها لأغراض مواد البناء والانشاء أو العابثين الذين يسرقون النقوش بهدف الاحتفاظ أو الاتجار بها. وربما الرسالة الواضحة والمطلوب توجيهها اليوم إلى عامة الناس وأصحاب القرار هي ضرورة التنبة لحماية النقوش وتقليل المخاطر التي تتعرض لها وذلك بوضع خطط واستراتيجيات واضحة قبل أن يصبح الندم غير مفيد لا بل مؤلم .

(النقوش تعرض -لأول مرة – وهي من مجموعة د. ملاعبة – وهي موثقة المكان والنص حسب نظام – الموقع الجعرافي العالمي – الاحداثيات GPS)