مئات المواقع الاثرية مهددة بالزوال في المفرق

توفيق ابو سماقة .. جريدة الرأي
البروفيسور أحمد ملاعبة .. يعلن

“إكتشاف مميز لأف موقع جيولوجي وبيئي وأثري في محافظة المفرق فقدت أسماءها وحورت خلال العصور”

أعلن البروفيسور أحمد ملاعبة خبير التراث الطبيعي الجيولوجي والبيئي والأثاري الدراسات البيئية في الجامعة عن إكتشاف ما يزيد عن ألف موقع أثري في محافظة المفرق فقدت أسماءها التاريخية العريقة لأسباب عديدة ما تزال قيد البحث.

ويقول البروفيسور ملاعبة، والمعروف عالميا ب “قيصر الصحراء” ثمة أماكن تاريخية طبيعية أثرية إلى الشرق من محافظة المفرق حيث مطلع الشمس، يتخطى تعدادها (1000) مكان، فقدت رونقها التاريخي وعبقها الأثاري العتيد.

أضاف ملاعبة، ان معاناة هذه الأماكن هذه المرة أخذت شكلا مغايرا لمعاناة الأماكن البيئة و التاريخية والأثارية في محافظة المفرق، تمثلت بفقدان هويتها الأصيلة المتعلقة بأسمائها لأسباب ومبررات منها ما هو تلقائي أو مقصود ومنها بسبب النسيان وإما نتيجة عدم الفهم الحقيقي لمعاني أسمائها الصحيحة.
ولعل أولى هذه الأماكن (جاوى أو جاوا) الواقعة شمال شرقي محافظة المفرق على بعد (80 كم) ما بين بلدتي دير الكهف ودير القن الواقعتين ضمن أراضي لواء البادية الشمالية في المفرق والواقعة على وادي راجل الممتد من قرية بوزريق السورية ولغاية قاع الأزرق بطول (150 كم).
ويعتبرملاعبة اسم جاوى حديثا لأنها كانت تسمى قديما بـ (دير محروق) لسببين: الأول يتعلق بـ (دير) لأنها تحوي بعض الكنائس القديمة، أما الثاني المتعلق بـ (محروق) نظرا للصخورالبازلتية السوداء التي تتواجد بها بكثافة، إذ دعت أهل البادية الى تسميتها بهذا الإسم منذ أن سكنوا بها.
وتعتبر (جاوى) بحسب ملاعبة أقدم موقع في العالم خلال العصر البرونزي القديم، مبينا أن عمرها يناهز الـ (5200) عام وكان عدد سكانها انذاك نحو (5000) الاف نسمة.
ويروي ملاعبة قصة تسميتها عندما جاء المستكشف الأجنبي هولمز في نهاية السبعينيات الى المنطقة بقصد إجراء أبحاث أثرية تاريخية ولديه معلومات بأن هنالك مدينة أخبر عنها طيّار بريطاني أثناء رحلته من بغداد الى مدينة حيفا الفلسطينية وكان حينها يحلق على ارتفاع منخفض.
الباحث هولمز عندما جاء الى أهالي المنطقة للسؤال عن (جاوى)، تلقى إجابة من أحدهم بأنها (جوى) أي أنها في الداخل، وبقيت تترد هذه الكلمة مرارا ويتم تداولها بشكل متكرر بين العامة الى أن استقرت على (جاوى).
ويؤكد ملاعبة أن جاوى لازالت بحاجة الى بحث مضني في البرديات الفرعونية القديمة أو الكتابات المسمارية في اللوائح الطينية في بابل، التي ربما ذكرت بها بعض التفاصيل عن جاوى، مبينا ان اسمها الحقيقي يبقى لغزا محيرا لا بد من تقصي الجميع نظرا لضخامة المدينة واستحقاقها لذلك.
أما ثاني هذه الأماكن، فهو الرويشد والصفاوي، اذ يقول ملاعبة، إن الرويشد التي كانت تسمى بـ (الإجفور) نسبة ل(H4) والصفاوي التي كانت تسمى قديما بـ (الإجفايف) نسبة لـ (H5)، وهي محطات ضخ البترول من كركوك شمالي العراق التي كانت تعرف بشركة النفط العراقية (IPC) باتجاه مدينة حيفا الفلسطينية، مبينا انهما الأقرب الى الحدود الأردنية العراقية.
وأشار الى أن الرويشد سميت بهذا الإسم نسبة الى قبيلة الرويشد الممتدة من جبل العرب لغاية دومة الجندل شمالي السعودية، في حين يعود سبب تسمية الصفاوي بهذا الإسم نسبة الى منطقة الصفا الممتدة من الأردن حتى جنوب سورية وكان يسكنها قبائل عربية صفوية.
وثالث هذه الأماكن هي مدينة أركيس الواقعة بالقرب من الدفيانة (40 كم شمال شرقي المفرق) على وادي العاقب وتعود بحسب ملاعبة الى العصر البرونزي المتوسط.
ويبين ملاعبة أن اسمها يبقى مثار جدل بين الموروث الشعبي والإسم الحقيقي والتفسير العلمي المتعلق بالتساؤل: هل أن أركيس من الفعل (ركس) أي انهدم أم أالروماني لـ (أركيوس) ؟، مشيرا الى أنه أجرى بحثا حديثا عن اركيس فيه نتائج ستنشر لاحقا. يصحح فيه نتائج البعثات الأجنبية وخصوصا نتائج الباحثة الأسترالي “سمانثا”.

وتعتبر بلدة دير الكهف هي رابع الأماكن التي فقدت أسمها الحقيقي، ويقول ملاعبة في هذا الشأن، يعود تاريخ دير الكهف للقرن الرابع الميلادي وكان اسمها الروماني القديم يعرف بـ سبيلوس ومعناها الكهف.

أما خامس هذه الأماكن فهو مدينة بلعما الواقعة شمال غربي المفرق، ويرجع الدكتور ملاعبة سبب تسميتها الى الاتفاق او الصلح العشائري بعد خصومة حصلت بين أبناء العمومة في الزمان الماضي فكانت هي المكان الحاضن لهذا الصلح، أي أخذت من (صلح إن العم)، رافضا المزاعم التي تقضي بأن سبب تسمية بلعما يعود الى اليهودي بلعام بن عوران، لأنه لم يأت الى الأردن أبدا.
وسادس هذه الاماكن هو وادي سلمى (20 كم شمالي الصفاوي)، ويقول الدكتور ملاعبة في هذا الشأن، إنه لا علاقة بتسميته بهذا الإسم بالرواية المتعلقة بأن هنالك إمرأة مسيحية كانت تحارب مع المسلمين وليس له علاقة بالنقوش الخاصة بها، مرجعا سبب تسميتها بهذا الإسم الى حالة الإدغام بين حرفي اللام والميم في كلمتي (سيل الماء).
واخر هذه الاماكن في الحلقة الاولى من السلسلة الألف، هو موقع جبل الأرتين، وهو ينقسم الى قسمين شمالي وجنوبي، وبحسب ملاعبة، فإن شكله أكثر ما يشبه رئتي الإنسان ولهذا اطلق عليها البدوي الذي كان يتجول في صحراء البادية بالرئتين، ومع مرور الزمن أدغمت وتغير اسمه الى الأرتين.